الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

عن الخوف !



 هل يمكن لأيًا منّا أن يتخلص بالكلية من مخاوفه؟
 لننظر أولًا ما الذي يفعله الخوف بنا: الخوف يغذي أوهامنا عن أنفسنا والعالم، المخاوف تحاصر عقلك من الجهات الأربع، تفرغه من كل محاولة للتقدم للأمام، ومن ناحية أخرى تملؤه بكل ما يكبلك لينتهي بك الحال متكورًا حول ذاتك أو صورة عن ذاتك في ماضٍ لم يعد موجودًا سوى في عقل ملبد بالخوف

أينما ترعرع الخوف، تقهقرت الحرية، وأينما انعدمت الحرية لن تجد يومًا الحب في أيًا ما تصنعه.
جميعنا لدينا مخاوف، البعض يخاف من الظلام، آخرون يتوجسون خيفة من رأى الآخرين بهم، هناك من يخاف من الثعابين، البعض يخاف من التقدم بالعمر، لدينا الخوف من أن يصيبنا المرض، وأيضًا الخوف من الموت.
لدينا أطنان مكدسة من الخوف، هل يمكن لأحدنا بالفعل أن ينحي كل تلك المخاوف جانبًا؟

يمكنك أن تمعن النظر فيما يصنعه الخوف بأحدنا الآخر، الشخص الخائف عادة ما يتورط في الكذب أيَضا، ينسج حوله سلسلة من الأكاذيب لكيلا تشي به رائحة الخوف. الشخص الخائف يتوقف عقله عن ولادة أية أفكار تحرره، هو سجين مخاوفه. الشخص الخائف ينكر على عقله كل تلك الأماكن المعتمة التي لا يستطيع الوصول إليها خشية أن تؤلمه حقيقة الكشف عنها.

علينا أن نميز بين هذا الخوف الفطري الذي يحمي غريزة الحياة بداخلنا، كأن تستشعر بطريقة غريزية مكامن الخطر مثل خوفك الذي يدفعك بعيدًا عن حافة الجرف أو الخوف الذي يحيل بينك وبين السقوط تحت عجلات العربة أو الخوف الذي يحمي جسدك من الاقتراب من أفعى سامة. إن مثل هذا الخوف، أستطيع أن أخبرك أنه خوف صحي. غير اني أود أن أستوضح نوعًا آخر من الخوف الذي يجعل الإنسان في حالة هلع - دون مبرر لها- من الإصابة بمرض أو الموت أو مجابهة أو عدو ما.

عندما يسعى أحدنا للتحقق بأى طريقة ما، كأن يجد ضالته في الموسيقي أو الرسم أو العلاقات الإنسانية أيًا ما يرغب في إفناء ذاته فيه، فإنه في نفس الوقت تنبت في أحشائه مخاوف. 
سيكون هناك دائما الخوف يقبع في ركن ما، لن أقدم لك حلًا سحريًا للمضى في الحياة دون الالتفات إليه، غير أنه ما يسعني قوله هو لن تتمكن من معالجة ذلك بوضع مخاوفك في ناحية والهروب في الناحية المقابلة بتلك البساطة . 

أريد منك حين تجتاحك مخاوفك أن تبقى ، 
راقب، 
تعلم مما يمكن أن تخبرك به مخاوفك التي تنبت في صمت، 
كيف تكونت، 
من أين أتت، 
كيف تتغذى، 
ما الذي يجعلها تتوهج في وقت وتنطفيء في وقت آخر. 
أقبل إليها بفضول الذي يود أن يتفحص، 
يراقب، يتعلم دون أن يسبغ عليها أي صفة تجعلها تراوغ هي ذاتها وتختبيء، 
أو تحجب عنك كشفًا تود الوصول إليه
حينئذ شيئًا فشيئًا ستتحرر من خوفك القديم ومن كل خوف قادم.
فقط ابق، 
راقب، 
تعلم بفضول
ما يود الخوف أن يخبرك به.
*******
كريشنامورتي- عن الخوف

        Is it possible for the mind to empty itself totally of fear? Fear of any kind breeds illusion; it makes the mind dull, shallow. Where there is fear there is obviously no freedom, and without freedom there is no love at all. And most of us have some form of fear; fear of darkness, fear of public opinion, fear of snakes, fear of physical pain, fear of old age, fear of death. We have literally dozens of fears. And is it possible to be completely free of fear?

        We can see what fear does to each one of us. It makes one tell lies; it corrupts one in various ways; it makes the mind empty, shallow. There are dark corners in the mind which can never be investigated and exposed as long as one is afraid. Physical self-protection, the instinctive urge to keep away from the venomous snake, to draw back from the precipice, to avoid falling under the tramcar, and so on, is sane, normal, healthy. 

        But I am asking about the psychological self-protectiveness which makes one afraid of disease, of death, of an enemy. When we seek fulfillment in any form, whether through painting, through music, through relationship, or what you will, there is always fear. So, what is important is to be aware of this whole process of oneself, to observe, to learn about it, and not ask how to get rid of fear. When you merely want to get rid of fear, you will find ways and means of escaping from it, and so there can never be freedom from fear.

J. Krishnamurti- On Fear

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

ماء وظل وحديقة

 قصيدة منشورة بمجلة "أوكسجين"- العدد 239- ديسمبر 2018

مجلة "أوكسجين" مجلة ثقافية نصف شهرية يترأسها الشاعر والروائي زياد عبد الله.

****

ماء وظل وحديقة



كان هناك يقف على الجهة المقابلة لباب الغرفة يطرق بمحبة

كنت أقف على الناحية الأخرى، اختبر مدى صلابتهم، محبتهم، صبرهم

هكذا أتيت إلى الحياة،

لابد أن تأتي المحبة قاسية، غليظة، وشحيحة

وحين لا تحدث فهي خطأهم، هم- فقط- لا يستحقونها

هكذا تمّ التدوين على حوائط بيت قديم

لابد أن نختبر الأشياء جيدًا

فالأشرار بالخارج ينتظروننا دومًا

أنيابهم تقطرُ دمًا

وهم بحاجة ل"دمٍ نبيل" مثل دمائنا المقدسة.

لابد أن أصنع بيدي الصغيرة أفخاخًا طيلة الطريق لاختبر كل شيء،

المحبة،

الصداقة،

المسافة التي تبدو حديقة ممكنة

لابد من اختبار كل شيء

هكذا أتيت إلى الحياة.

 بكفي الصغيرتين انهمك ليلًا في بناء أفخاخٍ محكمة

يأتي النهار، أنسجها كعنكبوتٍ عاش ألف سنة يرتقب وصول فريسته

أهنئ نفسي على شراك

المعرفة،

المهارة،

والرؤية

وتصويب السهم في شغاف القلب بلا رحمة

أعود كل ليلة

الفخاخ تبتلع الجدران المعبئة بصدأ يتوارى عن أصابعي، غير أنه يتكاثر كل ليلة

اللون ينسحب ببطء كرجل أقعدته الحركة، غير أنه يود المغادرة دونما التفات

أمر على البيت، أكاد ألحظ استغاثة مكتومة

اكتمها بكلتا يدي، ثم أعاود الانهماك

يتوجب أن أصنع فخاخاً محكمة

الذئاب آتية لا محالة

هكذا أتيت إلى الحياة.

 كان هناك طفل بعينين يملؤهما فرحٌ لم اختبره من قبل

يقف على الجهة المقابلة من باب غرفتي

يخبرني أن أنظر إلى تعرجات عروق ورقة شجر خضراء سقطت للتو في الخرج

وأن لأمها الشجرة تعرجات باللون البني على بطنها يتغنج كلما تدفق الحليب من ثديها

يكركر بصوتٍ أعرفه، ثم يستدعي السكينة لبرهة ليخبرني:

"خذي يدي ،

"خذي يدي،

"خذي يدي

سترين أن لنا جميعا مسارات متعرجة من التيه والالتقاء والكشف

وأن راحة يدك تتجذر لنفس العائلة"

أوصد الباب بقوة،

أنعق بصوت يرجف قلبه

"هذا هراء!!

الذئب قد يأتي في كل لحظة

يتوجب أن يكن لدي فخاخ كافية"

 بالأمس كنتُ أنصب فخاخا جديدة على الطريق المؤدي للبيت

تعثرت برجلٍ شدني شدًا من ياقة ثيابي

أمسك براحة يدي بكل قوة

استدعيت حيلتي الطفولية القديمة في إدعاء الشجاعة

أن أحدّق في عينيه مباشرة

كان هناك سائلًا أخضر دافئ  يتدفق منهما

يخبرني بسكينة أن أكف عن الهرولة

"لا أحد هناك

لا شيء هناك

لا هناك على الإطلاق

ابقي هنا

لمرة واحدة وأخيرة

ابقي هنا"

كان شيئًا حقيقيًا ينبت من بين عينيه

تركت له راحة يدي

أخذها برفق

-دون أن يشيح بنظره عن وجهي-

أعاد كفي إليّ

أراحها على موضع قلبي

دون أن يشيح بنظره عن وجهي

السائل الأخضر المتدفق من عينيه برفق، انساب على ذراعيه

ككتيبة نمل تعرف جيدًا أين تسير

شيئًا فشيئاً

بينما يتمتم

"أما آن لهذا القلب أن يستكين

ابقي هنا

لمرة واحدة

وأخيرة

لا أحد هناك

لا أحد"

انساب النهر الحبيس من عيني لسنوات ممتدة

أغشتني السكينة

راحة يدي ما زالت تحتضن قلباً يرتجف

غير أني شيئا فشيئا فتحت عيني

كان حولي

ماء

وظل

وحديقة.


السبت، 8 ديسمبر 2018

الرحمة


قبل أن تخبر تعريفًا للرحمة،

سيتوجب عليك أن تختبر مرارة فقدان كل شيء.

في غمضة عين يتهاوى كل ما حلمت به لمستقبلك

يختفي كحفنة ملح تذوب سريعًا


وسط حساء يتم طهوه على نار هادئة

***

كل ما ظننت أنك قابض عليه بكلتا يديك،

كل ما اعتبرته قيّمًا وخبأته بعناية عن أعين الناظرين،

كل ذلك سيزول

لترى كيف يمكن للأرض المترامية أن تغدو مجرد قفارًا وهى تجثو أمام الرحمة

***

 

في صبيحة كل يوم تركض وتركض للحاق بعربة تظنُ أنها لن تتوقف أبدًا.

يخدعك المسافرون بجوار النافذة

يرمقون العالم من خلف النافذة، بينما

يحملون شطائر الدجاج المغمسة بالمايونيز

 تقع في الفخ أنهم سيقبعون هناك للأبد.

****

لكي تشير بسبابتك أين تقف على خريطة الرحمة

ستتيه لتجد رجل يرتدي زيًا هنديًا قديمًا متكومًا على قارعة الطريق

تقترب

ستدرك كم كان من الممكن أن يكن أنت،

ستعي كم أنتما متشابهان

هو- أيضًا- ارتحل ذات مساء واضعًا في جيبه خطط عدة

وأتكأ على ثروته المخبأة في كل شهيقٍ وزفير.

ستعيدك جغرافيا كل شيء إلى مركز روحك، هناك تتجذر الرحمة

****

لكى تصل إلى الرحمة وتسجد مستسلمًا

ستعبر فوق كل ما خبأته بعناية من أحزانٍ سابقة

سيتساقط كل شيء

كشجرة تخلع عنها أوراقها

تستيقظ صباح يومٍ ما، والحزن ينظر إليك في العينين ينتظرك لتحدثه

ستبني بيديك العاريتين جسراً

ستعبره لتتعرى شيئًا فشيئًا كاشفًا موضع هشاشتك

كخيطٍ نافرٍ، سينسل الحزن يكرّ أحزانك القديمة

ستنظر كما كان مهترئًا هذا القماش منذ أزمنة.

حينئذٍ سترى بماء قلبك، ماذا تعنيه الرحمة

ستتعطل اللغة

غير أنك تجد نفسك من جديد قادراً أن تربط حذاءك

ستضع خطوة أمام الأخرى لترسل كومة الخطابات تلك،

ستبتاع في طريق العودة، خبزًا طازجًا

ستسمع صوتًا يهمس لك وسط  صخب المدينة

"أنا من كنت تبحث عنه في كل شيء"

سيغمرك الصوت بالكلية

سيمشي كلاكما في معية الآخر

كظل

أو كصديق

ستعي حينئذٍ ما الرحمة.

ناعومي شهاب ناى

Kindness

Before you know what kindness really is
you must lose things,
feel the future dissolve in a moment
like salt in a weakened broth

 .
What you held in your hand,
what you counted and carefully saved,
all this must go so you know
how desolate the landscape can be
between the regions of kindness.
How you ride and ride
thinking the bus will never stop,
the passengers eating maize and chicken
will stare out the window forever.

Before you learn the tender gravity of kindness,
you must travel where the Indian in a white poncho 
lies dead by the side of the road.
You must see how this could be you,
how he too was someone
who journeyed through the night with plans 
and the simple breath that kept him alive.

Before you know kindness as the deepest thing inside, 
you must know sorrow as the other deepest thing.  
You must wake up with sorrow.
You must speak to it till your voice
catches the thread of all sorrows
and you see the size of the cloth. 

Then it is only kindness that makes sense anymore,
only kindness that ties your shoes
and sends you out into the day to mail letters and 
     purchase bread,
from the crowd of the world to say
it is I you have been looking for,
and then goes with you every where
like a shadow or a friend.



السبت، 1 ديسمبر 2018

إلى أولئك المتعبين!


لقد قطعنا مسافات طويلة لكل أرض لا تشبه جذورنا

الروح حاضرة الآن

تهمس لك بخفية لكى تعود

فلتلتمس من حواسك ملاذا

وتدعها تشدك من يدك لتريك كافة المعجزات الصغيرة

التي ضيعتها في لهاثك في حياة سابقة

دع روحك تتعلق بحبات المطر وهي تسقط في بطء وتتحرر

قلد البرق في نورانيته

والتسبح روحك في بحر لون أبدي ينير بيائه عتمة اليوم

فلتجلس بجانب الحجر ولتستمع إلى صمته

حتى تتسلل إليك منه هدوءه وسكينته

كن رحيما بنفسك

كن مفرطا في ذلك.

إلى أولئك المتعبين- جون أودنهو.


You have traveled too fast over false ground;
Now your soul has come, to take you back.

Take refuge in your senses, open up
To all the small miracles you rushed through.

Become inclined to watch the way of rain
When it falls slow and free.

Imitate the habit of twilight,
Taking time to open the well of color
That fostered the brightness of day.

Draw alongside the silence of stone
Until its calmness can claim you.

Be excessively gentle with yourself.


John O'Donohue-  'For One Who is Exhausted'


صباحاتٌ مُوحشة- قصيدة

 قصيدة منشورة بموقع الكتابة الثقافي

تاريخ 1 ديسمبر 2018

تمت مشاركتها ضمن فعالية مئة ألف شاعر للتغيير، بمكتبة الكتب خان بالقاهرة- جمهورية مصر العربية.


صورة للشاعرة أثناء إلقاء القصيدة في مكتبة الكتب خان بالقاهرة، ضمن فاعلية مئة ألف شاعر للتغيير

صباحات موحشة

إنها أحد تلك الصباحات التي أتوحش فيها محبتك بالكلية

أتعارك مع أمي لأنها حجبت عني الرؤية

أتعارك مع أخي لأنه لا يشبهك بالقدر الكافي

أتعارك مع الحلم لأنك بت بعيد الحضور

أتعارك مع الله- لأني أظن كثيراً- أنه تركني بمفردي

أعلم تلك الصباحات جيداً

التأكد من القدرة على التنفس بشكل منتظم

الربتة على الكتف أن كل هذا سوف يمر

إعادة مضغ العبارات الواحدة تلو الأخرى، دون السماح لأحداها أن تخترق الجدار

لا زلتُ أمارس لعبتي القديمة في الاختباء أسفل مكتبك الصاج القديم

أصنع عالمًا متكاملًا أعيش فيه بمفردي

أعقدُ صداقات متتالية مع أحذية العابرين

أروي حكايا لا تنتهي عن نبتة  باللون الأزرق

تنمو ببطء في منتصف قفصي الصدري

تشدني من يدي شداً لتعيدني إلى الحياة

فلأخبرك إذن ما لا تود سماعه

الحياة لا تعبأ بك

لم تتوقف لحظة واحدة بفعل الغياب

السيارات لازالت تمر في شوارع المدينة تتقيأ الوسخ

طوفانٌ لا يكف عن الثرثرة لكي تتشوش الرؤية أكثر

لا يستدعي أحد ذكراك

شجر المانجو الذي زرعته في سبع سنوات

لم يبكيك

أصابعٌك التي خلّفتها على صفحاتٍ بيضاء بتوقيع اسمك كختم أبدي للمحبة،

تمّ استئصالها بفأس ذات نصل لامع

ثيابك التي بالغت في ابتياعها تمّ تعبئتها بعناية في حقيبة سوداء سيأكلها العفن لا محالة

أطفالك التي أورثتهم الوحشة، يتمترسون خلف جدار سميك من الوحدة

يكممون أفواههم لكيلا يشي نشيج قلبهم بهم في العتمة

الحياة لم تتوقف بالغياب

تسير وفق نوتة موسيقية لمغنٍ استيقظ فاقداً الصوت

تلك الصباحات التي أتوحشك فيها

هي ما يتبقي بيني وبينك

أتعارك لكيلا تنسل خيوط ذكراك من الذاكرة

غير أن ذاكرتي معك خاوية

وتاريخنا الشخصي

يحمل صورة وحيدة

احتفظ بها

لكيلا تصل إليها أصابع غضب قديم.

الجمعة، 16 نوفمبر 2018

رؤيا


أنا أتفهم، لا بأس في ذلك. 

الحلم العاجز بالوجود بالكلية، 

ليس أن تبدين بل أن تكوني. 

في كل لحظة واعية، 

هناك ضوء أحمر بانتظارك. 

الهوة الساحقة بين ما أنتِ عليه مع الآخرين وبين ما أنتِ عليه حينما تنفردين بذاتك. 

أنا أعلم ذلك الدوار، النهم الشديد المستمر لأن تصبح أحشائك خارجك، 

أن تتعري بالكلية، 

أن تتجلى الحقيقة من خلالك، 

أو تلك الرغبة العارمة في أن يتم محوك بالكلية ودمارك. 

كل إيماءة، 

كل انثناءة، 

كل ضحكة،

 كل تكشيرة هي كذبات جديدة.

هل ستنهين كل ذلك الألم بالانتحار؟ 

لا أعتقد، إنه مبتذل لكِ.

عوضاً عن ذلك، سترفضين الحركة، 

سترفضين الكلام، 

سترفضي أن يلوك فمك كذبات جديدة. 

ستنغلقين على ذاتك بمتاريسك المعتادة. 

حينئذ لن تضطري للعب أي أدوار، 

أو القيام بأية حركة خاطئة.

هكذا تظنين.

الواقع أفعى شيطانية.

ستتسرب الحياة شيئاً فشيئا حيث تختبئين. 

إن مخبأك ليس منيعاً كما ظننتي. 

ستجبرك الحياة أن تتفاعلي.

لا أحد يطلب منكِ الصواب أو الخطأ، 

لا أحد يهتم إنك كنتِ حقيقية أو تدعين. 

إن هذه الأشياء تصنع فارقاً فقط على خشبة المسرح، 

ولأخبرك شيئاً لربما هناك أيضاً لا وجود لذلك.

أنا أتفهم لماذا ترفضين الكلام،  

ولماذا ترفضين الحركة، 

ولماذا تلعبين دور اللامبالاة المصنوع بعناية من أعماق ذاتك.

أنا أتفهم، 

في حقيقة الأمر أنا معجبة بقدرتك على فعل ذلك 

فالأمر يتطلب قوة ذهنية قوية.

أنا أتفهم أن هذا الدور يجب أن تلعبيه للنهاية، 

لذلك الحد الذي تملين منه، 

عندئذ ستتركينه، 

ستضعينه جانباً مثل كافة الأدوار 

التي تركتيها من قبل واحداً تلو الآخر.