‏إظهار الرسائل ذات التسميات شعر، أدب، لغة عربية، فصحى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شعر، أدب، لغة عربية، فصحى. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 10 ديسمبر 2021

تُفاحتا آدم- قصيدة

 تُفاحتا آدم

قصيدة منشورة بجريدة أخبار الأدب، الصادرة عن الهيئة المصريّة العامة للكتاب بجمهورية مصر العربية.

عدد رقم 1481 


تُفاحتا آدم

أخبرنا المعلمُ أنَّ آدم لم يبتلع التفاحةَ كاملةً  

بَقيت خطيئتُه مُعلقةً في عُنقه

ولا سبيل للمغفرةِ على ما ارتكب!

هممتُ بالسؤالِ: هل تشعرُ التُفاحةُ القابعةُ في عنقِ آدم منذ بِدءِ الخليقةِ بالملل؟

يومًا ما سيبتلع آدم ريقًا كاملًا

يتجرعُ عصيرًا طازجًا من حباّت العُنب

لربما لَفظَ التفاحةَ خارجَه أو دفعها دفعًا لتستقر في أعماقه ولا تشي به مجددًا

بَقى آدمُ مُعلقًا من عنقه بخطيئته

وبَقيت الدهشةُ مُعلقةً في رأسي للأبد.

 

حين تكوَّر ثدياي ذات صباح

ظننتُ أنّي ابتلعتُ الليلةَ الفائتةَ مع كوب الحليب تفاحتين لا واحدة!

بكيتُ كثيرًا حين تأملتُ عُنقِي أخواي، تستقرُ التفاحةُ في منتصف العُنق تمامًا

بينما تفاحتا آدم لديَّ ضلَّتا الطريق.

 

في البدء حشرتهما حشرًا في رداءٍ قطنيٍّ كيلا يشيان بخطيئةٍ مُحتملة

كطفلين وُلدا للتوِّ لم يَكفَّا عن الصراخ إعلانًا للجوع

حين لاحظ الجميع تكورهما بالرُّغم من محاولاتِ الإخفاءِ المضنية

أخبرتني أمي حينئذ أنَّي ما عدتُ أنتمي إلى عالم أخواي

لم أعرف أحدٌ في عالمي سوى أخواي، 

ولدين يكبرانني بعدة سنوات ولدينا خطايا سريةٌ مشتركة.

 

أقفُ بمُفردي في عالمٍ أجهلُه بالكُليّة

غير أن أمي طمأنتني أنه مٌترعٌ بالدماء.

 

نَبَتَت أسفلَ أظافري كراهية

وددتُ لو أستطيع زحزحتهما قليلًا ليعودا للعنق 

فأعودُ لعالمي الوحيد الذي أعرفُه.

 

في مُربعٍ ضيقٍ يقفُ كلاهما ينظرُ للآخر بطَرَف عينه 

محاولاتٌ متتالية لإسكاتِ مخاوفَ ستُطِلُّ برأسها لامحالة

ينهمكان في تَفحُصِ أرضيَّة المصعد المُعلَّقِ بين عالمين

تقتربُ منه خُطوةً واحدة

تَكشفُ عن عُنقه

تُقبلُه في المنتصف تمامًا

تومضُ ذاكرتُها بعالمٍ صبيانيٍّ مُحبب، ودَّعته بقُبُلاتٍ

تنثرُ فوق رأسه تُرابًا يمنحُه طقوسَ قوةٍ عابرة

يُخبرُها أنه أحبها منذُ أزمنة.

 

يصلُ المصعد

يتحسسُ كلاهما السير في حديقة أنبتت للتوّ

تبتلعهما الأغصان الباسقة

تضغط على يده بخوفٍ طفوليٍّ قديم

يمنحُها وعدًا بألَّا يتيها مجددًا في عوالمَ لا ينتميان لها

يُقسمُ بالقُبلة المختومة بعنقه بالبقاء

تبتسمُ وهى ترى خطيئته تتجسد ثانية

رأت قبل أن يرى

الحديقةُ، لا تتسع

تُفلتُ يده

تركضُ خلف تفاحتين سقطتا للتوّ.

****

اللوحة المصاحبة للفنان المصري جميل شفيق