نصٌ جديد منشور على منصة أنطولوجي، وهى فهرس جمالي يُعنى بمتابعة وأرشفة الأدب العربي
جِسر
يُمكننا أن نصنعَ جِسرًا يعبُر فوقه أحدُنا نحو الآخر
نجمعُ كافَّةَ الأغصانِ الناتئةِ من شجرةٍ لا تشيخ أحملها دومًا بين كتِفَيّ
نضعهم جميعًا متلاصقين كأسنانِ المُشط
نتأكدُ أن يكفوا عن الثرثرة فلا تلتهمُهم الكلماتُ التي تَرمِي بشَرر
ينبتُ عشبٌ أخضرُ له رائحة الليمون على الجسر
تتفتحُ زهراتُه الورديةُ شيئًا فشيئًا في كل مرةٍ يمنحُها الكونُ إذنًا لإيقاعٍ آمِن.
يفصلُ بيننا ثلاثون عامًا من النبوَّة
نحشو السنواتِ في الفراغ القائم بين أغصان الجسر الناتئة
هكذا أخبرنا ذو القرنين
سنصُبُّ عليهم مِلحَ المسافةِ صبًّا فلا تستبين الهُوّة بيننا
أرسُم خريطةً تتدلى من عُنقي يعبرُها نهرٌ تتدفق مياهُه بسكينٍ في ثنايا الخاصرة
الخطاباتُ التي أرسلتَها إلىَّ مُذيلةٌ ببعض منك أسميتُها: “وَصل”
الرائحةُ التي خَلَّفتَها أعلى ياقةِ درعِك المُنتصب ستشي بنا لا محالة
الأحرفُ التي تسابقت لتشدُّنا من أطرافِ أثوابِنا
تُشيرُ إلينا نحو موسيقي شارعٍ خلفي
يا عتمتي المُتوهِّجة
يا قَسوتي الهشّة
يا اقترابي البعيد
يا شكِّي الموقن
يا خوفي الرابض كأسدٍ جَسور
يا أُنثاي المُتشِحة بأعضاءٍ تُؤطرُكَ
يا خلِّي وخليلي
يا أنيسي
يا ناري التي اهتزت لها جبالٌ شامخات
واستكانت لها الريحُ العاتية
واستغفرت من ذنبها النَّخلاتُ الباسقات
فلا مريم لترتكن
ولا يُوسُف في غياهب الجُبّ
جِسرٌ يفصلُ بيننا
تهاوى صبيحةَ اليوم
فيا كلَّ كلِّي
قد عبر أحدُنا للآخر قبل ثلاثين عامًا من النبوَّة
فاخلعْ عنك كلَّ ما ليس لي
إنكَ بوادٍ مقدس "هنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق