الأربعاء، 16 يناير 2019

ماري أوليفر- قصيدة "الرحلة"- ترجمة

 قصيدة ماري أوليفر "الرحلة"- مُترجمة.

نُشرت في موقع الكتابة الثقافي، منصة الكُتّاب المصريين والعرب للأدب والثقافة.

تاريخ: 17 يناير 2019


ماري أوليفر

Journey

ترجمة: ريهام عزيز الدين

ذات يوم ستدرك أخيراً ما يتوجب عليك فعله

ستصل وجهتك

وستفعل

بالرغم من كل الأصوات التي تنعق حولك

بنصائحهم المسمومة

بالرغم من تداعي عالمك بأكمله

المنزل يتساقط

سيعاودك الألم القديم

مدغدغاً أطرافك

سيصيح بك

“أصلح حياتك الآن”

كل صوت يأتيك كجلدة سوط

ولكنك لم تتوقف

لقد علمت ما يتوجب عليك فعله

تتربص بك الريح بمخالب مدببة

تستعد للانقضاض

لتنهش أعماق روحك

ثمة رعب لا يُحتمل

غير أن كل هذا سيصبح بلا جدوى

الليالي الموحشة

الطريق المكدس بالأغصان المتكسرة والأحجار

لن يؤلمك بعد الآن

شيئاً فشيئاً

تخلف كل شيء وراءك

تصم أذنيك عن كل صوت

النجوم تشتعل خلف السحب

هناك صوت جديد

يأتيك برفق

ستتعرف عليه

لأنك تعرفه

فقد كنتما في معية أحدكما الآخر

في كل خطوة خطوتها في هذا العالم

ستفعل الشيء الوحيد الذي يتوجب عليك فعله

أن تنقذ نسختك الوحيدة من الحياة

التي تستطيع إنقاذها.


الثلاثاء، 8 يناير 2019

مزهرية الغضب- آندريا جيبسون- قصيدة مُترجمة

مزهرية الغضب- آندريا جيبسون- قصيدة مُترجمة 

آندريا جيبسون إحدى أهم الشاعرات المعاصرات في الشعر الأمريكي

نُشرت الترجمة بموقع الكتابة الثقافي، منصة الكُتّاب المصريين والعرب.

تاريخ: 9 يناير 2019

النص باللغة الإنجليزية


آندريا جيبسون

ترجمة: ريهام عزيز الدين

أخبرني طبيب التغذية أنه يتوجب علىً التهام الخضروات ذات الجذور

وأنه إذا ما تمكنت من التهام ثلاثة عشر حبة فجل

سيمكنني حينئذ أن أتجذر

وسأتوقف عن التحليق نحو غرف معتمة تسكن روحي.

***
أخبرتني غجرية أن قلبي يحمل ثقلًا لا يُحتمل

في حال دسستُ في يدها عشرين دولارًا

ستخبرني بدقة ما يتوجب علىً فعله لكى تعبرني الخفة

أعطيتها ما طلبت

نظرت لي وهى تتمتم:

كفي عن القلق

ستجدين رجلًا طيباً اليوم!

***
أول وسيط روحاني أخبرني أن أقضي كل يوم ثلاث ساعات في خزانة معتمة

ولأغلق عينىّ،

وكذلك أذنىّ

لقد جربت ذلك بالفعل مرة واحدة

غير أن فكرة وحيدة باتت تدق رأسي

 سأموت إذن ميتة “شاذة” في خزانة معتمة!!

***

 أخبرني معلم اليوجا أن لكل شيء- سوى الحقيقة- طيفٌ ملون يمكنني التأرجح عبره متى ما شئت

 أن أكثّف طاقة الغضب في كل زفير يغادرني،

لأغادره أنا أيضاً

وأن الجميع يجدون السعادة القصوى حين يمنحون أكثر مما يحصلون عليه.

***
أخبرني الصيدلي:

عليكي ب”ليكسابرو، لاميكتل، ليثيوم والزانكس”.

أما الطبيب فقد أوصى أن مضادات الاكتئاب ستخرس صوت الصدمة بداخلي.

***
أخبرني صوت الصدمة بداخلي:

لا أحد يود سماع نحيبك وأنتِ تنظرين إلى كل هذا الحزن المتكتل في عظامك.

أخبرتني عظامي:

” تايلور كليمنتي” حين قفز من أعلى جسر “جورج واشنطن”

ليستقر في في قاع نهر هادسون،

كان وحيداً للغاية.

أخبرتني عظامي أيضاً:

“اكتبي قصائد”

الاثنين، 7 يناير 2019

إيقاع أخرس!


لماذا "الخير" دومًا مرتبط بما سيحدث في المستقبل؟ 

يتنامى إلى مسامعك دومًا عبارات مثل "سأخطط للعام الجديد"، 

"سأضع على لائحتي أهداف جيدة لأفعلها"، 

"سأحرص على تناول طعام جيد الشهر القادم".

لماذا نحن مهتمون بفعل أشياء "أخرى"، 

ولماذا عادة الأشياء الأخرى هي "جيدة" وستحدث على مرمى البصر في المستقبل؟

إن طرح مثل تلك التساؤلات يعد جريمة نكراء في زمن يتسابق فيه الجميع لتقديم خطط موضوعة مسبقًا، مختومة بأزمنة لم تأت بعد. 

إن مجرد طرح مثل تلك التساؤلات من شاأنه أن يهدم نظامًا اجتماعياً كاملًا قائمًا على اللهاث نحو "مستقبل". هل تدركون تلك اللحظة التي يتوقف بها الحمار ليرى أن الجزرة التي كان يسعى لالتهامها قد كانت مربوطة حول عنقه طيلة الوقت، ترى ماذا سيشعر حينئذ؟.

أي مستقبلٍ تبحثون عنه وتلهثون وراءه بينما لا تعلمون على وجه الدقة أين تقفون الآن في حاضركم.

أي مستقبلٍ ترسمونه بينما لا تملكون السيطرة قيد أنملة على نَفَسٍ واحد تحتفظون به بداخلكم دون أن تطلقوا سراحه لتكتمل دورة التنفس بالزفير.

نحن منخرطون في اللهاث نحو خطط مستقبلية لأننا فقدنا حاسة الرؤية، نحن لا نبصر ما في أيدينا اليوم، فقدنا القدرة على تذوق متعة أن يكن لدينا حاضرًا ممتلئًا بحضورنا الكلي. غادرت أعيننا لتبحث عن شيء "آخر" في زمن "آخر" وأصبح لدينا يقين أن هذا سيمنحنا الخير". نحن محاصرون في الخطيئة المستمرة أن شيئًا ما سيعبرنا دون أن نتمكن من الإمساك به والسيطرة عليه، بينما الشيء الوحيد الذي يمكننا الحصول عليه هو ما يحدث في لحظتنا الآنية.

لم يعد بمقدرونا إبطاء الإيقاع المتسارع نحو المستقبل دون أن نتعثر بأحجار متراكمة تذكرنا بأننا يجب أن نهرول.

إن التأجيل والهرولة كلاهما فعل مقاومة لزمن لا يمكن السيطرة عليه بالأساس. 

غير أن في كل مرة نهرول، 

في كل مرة نبطيء دون أن ننظر، 

ينفلت من بين أيدينا ال"جزرة" الوحيدة التي بمقدرونا الحصول عليها الآن.

تحولنا إلى مجتمع من أطفال يبدون بهيئة البالغين، 

يُهييء إليهم أنهم يصنعنون حضارة، 

جوهرها هو خيبة الأمل المزمنة لعدم قدرتهم على ملاحقة المستقبل والإمساك به. 

أصبحنا مجتمع من أطفال عاجزين عن النضج أو رافضين له، 

كل ما يفعلونه في حاضرهم هو تهشيم كل ما تصل إليه أيديهم من "لعب"، 

ثم ينخرطون في نوبات غضب طفولية ليهرع إليهم أحد لينقذهم بتقديم لعب "أخرى".

آلان واتس

Just exactly what is the “good” to which we aspire through doing and eating things that are supposed to be good for us? 

This question is strictly taboo, for if it were seriously investigated the whole economy and social order would fall apart and have to be reorganized. 

It would be like the donkey finding out that the carrot dangled before him, to make him run, is hitched by a stick to his own collar. For the good to which we aspire exists only and always in the future. 

Because we cannot relate to the sensuous and material present we are most happy when good things are expected to happen, not when they are happening. We get such a kick out of looking forward to pleasures and rushing ahead to meet them that we can’t slow down enough to enjoy them when they come. 

We are therefore a civilization which suffers from chronic disappointment — a formidable swarm of spoiled children smashing their toys.

Allan Watts


الجمعة، 28 ديسمبر 2018

آندريا جيبسون- ثلاث قصائد مُترجمة

 آندريا جيبسون إحدى أهم الشاعرات المعاصرات في الشعر الأمريكي

نُشرت الترجمة بموقع الكتابة الثقافي، منصة الكُتّاب المصريين والعرب.

تاريخ: 28 ديسمبر 2018


ترجمة: ريهام عزيز الدين 

  • خزى

أخبرتني معالجتي أن شعوري المراوغ بالخزى،

يحاول مخاطبتي وفق قاموسه

ليمنحني ربتة على الكتف.

أضافت:

“نحن جميعًا نشعر بالخزى

لأننا نود لو كان بمقدورنا أن نفعل شيئًا صغيرًا لكي يصبح العالم أفضل

نحن جميعًا نشعر بالخزى،

لنتمكن من النهوض كل صباح آملين أن فعلًا أوحد يمكنه أن يمنحنا ملاذًا آمن

وأن الطمأنينة ستعرف طريقها إلى أوصالنا،

في كل مرة نعاود فعل الأشياء بطريقة مغايرة

نخزن الخزى بعناية في قفصنا الصدري.”

ياله من شيء لطيف ما تسكبه على مسامعي:

لكى أحصل على ثمة جمال يقبع منتظراً في العالم

يتوجب عقد صفقة أتبادل فيها

أسماؤنا الجميلة،

قلوبنا الطيبة،

قبسات الحكمة،

زيارات السعادة العابرة

مع مجرةٍ لن تؤذى قط ذبابة!!

*********

فجل حار

أنا لستُ بحاجة لأن ينقذني أحدهم

الموجات التي تضرب جسدي من كل صوب

أبقتني طافية

غير أنها لم تحملني يومًا إلى أية شاطىء

ثمة أماكن كثيرة أود أن أعثر على وجهي بها

فلأخبرك إذن ما يتوجب عليك فعله:

مزق قفصي الصدري بكلتا يديك

انتزع قلبي المرتجف

خلف كلمات متراصة

توقف عن ملاحقتها

امح كل شيء

ثم اغمر كل بوصة منه بقصائد محبة

ستحرقها هي أيضاً لاحقًا.

*******

عيد ميلاد

أتساءل

هل حبس بيتهوفن أنفاسه

 حين لمست أصابعه  مفاتيح البيانو أول مرة؟!

في اللحظة ذاتها

هل حبس الجندي أنفاسه

وأصابعه تتحسس طريقها للمرة الأولى نحو زاد بندقيته؟!

عجيب أن لكل منّا أسبابه

لئلا نتنفس!!


الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

عن الخوف !



 هل يمكن لأيًا منّا أن يتخلص بالكلية من مخاوفه؟
 لننظر أولًا ما الذي يفعله الخوف بنا: الخوف يغذي أوهامنا عن أنفسنا والعالم، المخاوف تحاصر عقلك من الجهات الأربع، تفرغه من كل محاولة للتقدم للأمام، ومن ناحية أخرى تملؤه بكل ما يكبلك لينتهي بك الحال متكورًا حول ذاتك أو صورة عن ذاتك في ماضٍ لم يعد موجودًا سوى في عقل ملبد بالخوف

أينما ترعرع الخوف، تقهقرت الحرية، وأينما انعدمت الحرية لن تجد يومًا الحب في أيًا ما تصنعه.
جميعنا لدينا مخاوف، البعض يخاف من الظلام، آخرون يتوجسون خيفة من رأى الآخرين بهم، هناك من يخاف من الثعابين، البعض يخاف من التقدم بالعمر، لدينا الخوف من أن يصيبنا المرض، وأيضًا الخوف من الموت.
لدينا أطنان مكدسة من الخوف، هل يمكن لأحدنا بالفعل أن ينحي كل تلك المخاوف جانبًا؟

يمكنك أن تمعن النظر فيما يصنعه الخوف بأحدنا الآخر، الشخص الخائف عادة ما يتورط في الكذب أيَضا، ينسج حوله سلسلة من الأكاذيب لكيلا تشي به رائحة الخوف. الشخص الخائف يتوقف عقله عن ولادة أية أفكار تحرره، هو سجين مخاوفه. الشخص الخائف ينكر على عقله كل تلك الأماكن المعتمة التي لا يستطيع الوصول إليها خشية أن تؤلمه حقيقة الكشف عنها.

علينا أن نميز بين هذا الخوف الفطري الذي يحمي غريزة الحياة بداخلنا، كأن تستشعر بطريقة غريزية مكامن الخطر مثل خوفك الذي يدفعك بعيدًا عن حافة الجرف أو الخوف الذي يحيل بينك وبين السقوط تحت عجلات العربة أو الخوف الذي يحمي جسدك من الاقتراب من أفعى سامة. إن مثل هذا الخوف، أستطيع أن أخبرك أنه خوف صحي. غير اني أود أن أستوضح نوعًا آخر من الخوف الذي يجعل الإنسان في حالة هلع - دون مبرر لها- من الإصابة بمرض أو الموت أو مجابهة أو عدو ما.

عندما يسعى أحدنا للتحقق بأى طريقة ما، كأن يجد ضالته في الموسيقي أو الرسم أو العلاقات الإنسانية أيًا ما يرغب في إفناء ذاته فيه، فإنه في نفس الوقت تنبت في أحشائه مخاوف. 
سيكون هناك دائما الخوف يقبع في ركن ما، لن أقدم لك حلًا سحريًا للمضى في الحياة دون الالتفات إليه، غير أنه ما يسعني قوله هو لن تتمكن من معالجة ذلك بوضع مخاوفك في ناحية والهروب في الناحية المقابلة بتلك البساطة . 

أريد منك حين تجتاحك مخاوفك أن تبقى ، 
راقب، 
تعلم مما يمكن أن تخبرك به مخاوفك التي تنبت في صمت، 
كيف تكونت، 
من أين أتت، 
كيف تتغذى، 
ما الذي يجعلها تتوهج في وقت وتنطفيء في وقت آخر. 
أقبل إليها بفضول الذي يود أن يتفحص، 
يراقب، يتعلم دون أن يسبغ عليها أي صفة تجعلها تراوغ هي ذاتها وتختبيء، 
أو تحجب عنك كشفًا تود الوصول إليه
حينئذ شيئًا فشيئًا ستتحرر من خوفك القديم ومن كل خوف قادم.
فقط ابق، 
راقب، 
تعلم بفضول
ما يود الخوف أن يخبرك به.
*******
كريشنامورتي- عن الخوف

        Is it possible for the mind to empty itself totally of fear? Fear of any kind breeds illusion; it makes the mind dull, shallow. Where there is fear there is obviously no freedom, and without freedom there is no love at all. And most of us have some form of fear; fear of darkness, fear of public opinion, fear of snakes, fear of physical pain, fear of old age, fear of death. We have literally dozens of fears. And is it possible to be completely free of fear?

        We can see what fear does to each one of us. It makes one tell lies; it corrupts one in various ways; it makes the mind empty, shallow. There are dark corners in the mind which can never be investigated and exposed as long as one is afraid. Physical self-protection, the instinctive urge to keep away from the venomous snake, to draw back from the precipice, to avoid falling under the tramcar, and so on, is sane, normal, healthy. 

        But I am asking about the psychological self-protectiveness which makes one afraid of disease, of death, of an enemy. When we seek fulfillment in any form, whether through painting, through music, through relationship, or what you will, there is always fear. So, what is important is to be aware of this whole process of oneself, to observe, to learn about it, and not ask how to get rid of fear. When you merely want to get rid of fear, you will find ways and means of escaping from it, and so there can never be freedom from fear.

J. Krishnamurti- On Fear

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

ماء وظل وحديقة

 قصيدة منشورة بمجلة "أوكسجين"- العدد 239- ديسمبر 2018

مجلة "أوكسجين" مجلة ثقافية نصف شهرية يترأسها الشاعر والروائي زياد عبد الله.

****

ماء وظل وحديقة



كان هناك يقف على الجهة المقابلة لباب الغرفة يطرق بمحبة

كنت أقف على الناحية الأخرى، اختبر مدى صلابتهم، محبتهم، صبرهم

هكذا أتيت إلى الحياة،

لابد أن تأتي المحبة قاسية، غليظة، وشحيحة

وحين لا تحدث فهي خطأهم، هم- فقط- لا يستحقونها

هكذا تمّ التدوين على حوائط بيت قديم

لابد أن نختبر الأشياء جيدًا

فالأشرار بالخارج ينتظروننا دومًا

أنيابهم تقطرُ دمًا

وهم بحاجة ل"دمٍ نبيل" مثل دمائنا المقدسة.

لابد أن أصنع بيدي الصغيرة أفخاخًا طيلة الطريق لاختبر كل شيء،

المحبة،

الصداقة،

المسافة التي تبدو حديقة ممكنة

لابد من اختبار كل شيء

هكذا أتيت إلى الحياة.

 بكفي الصغيرتين انهمك ليلًا في بناء أفخاخٍ محكمة

يأتي النهار، أنسجها كعنكبوتٍ عاش ألف سنة يرتقب وصول فريسته

أهنئ نفسي على شراك

المعرفة،

المهارة،

والرؤية

وتصويب السهم في شغاف القلب بلا رحمة

أعود كل ليلة

الفخاخ تبتلع الجدران المعبئة بصدأ يتوارى عن أصابعي، غير أنه يتكاثر كل ليلة

اللون ينسحب ببطء كرجل أقعدته الحركة، غير أنه يود المغادرة دونما التفات

أمر على البيت، أكاد ألحظ استغاثة مكتومة

اكتمها بكلتا يدي، ثم أعاود الانهماك

يتوجب أن أصنع فخاخاً محكمة

الذئاب آتية لا محالة

هكذا أتيت إلى الحياة.

 كان هناك طفل بعينين يملؤهما فرحٌ لم اختبره من قبل

يقف على الجهة المقابلة من باب غرفتي

يخبرني أن أنظر إلى تعرجات عروق ورقة شجر خضراء سقطت للتو في الخرج

وأن لأمها الشجرة تعرجات باللون البني على بطنها يتغنج كلما تدفق الحليب من ثديها

يكركر بصوتٍ أعرفه، ثم يستدعي السكينة لبرهة ليخبرني:

"خذي يدي ،

"خذي يدي،

"خذي يدي

سترين أن لنا جميعا مسارات متعرجة من التيه والالتقاء والكشف

وأن راحة يدك تتجذر لنفس العائلة"

أوصد الباب بقوة،

أنعق بصوت يرجف قلبه

"هذا هراء!!

الذئب قد يأتي في كل لحظة

يتوجب أن يكن لدي فخاخ كافية"

 بالأمس كنتُ أنصب فخاخا جديدة على الطريق المؤدي للبيت

تعثرت برجلٍ شدني شدًا من ياقة ثيابي

أمسك براحة يدي بكل قوة

استدعيت حيلتي الطفولية القديمة في إدعاء الشجاعة

أن أحدّق في عينيه مباشرة

كان هناك سائلًا أخضر دافئ  يتدفق منهما

يخبرني بسكينة أن أكف عن الهرولة

"لا أحد هناك

لا شيء هناك

لا هناك على الإطلاق

ابقي هنا

لمرة واحدة وأخيرة

ابقي هنا"

كان شيئًا حقيقيًا ينبت من بين عينيه

تركت له راحة يدي

أخذها برفق

-دون أن يشيح بنظره عن وجهي-

أعاد كفي إليّ

أراحها على موضع قلبي

دون أن يشيح بنظره عن وجهي

السائل الأخضر المتدفق من عينيه برفق، انساب على ذراعيه

ككتيبة نمل تعرف جيدًا أين تسير

شيئًا فشيئاً

بينما يتمتم

"أما آن لهذا القلب أن يستكين

ابقي هنا

لمرة واحدة

وأخيرة

لا أحد هناك

لا أحد"

انساب النهر الحبيس من عيني لسنوات ممتدة

أغشتني السكينة

راحة يدي ما زالت تحتضن قلباً يرتجف

غير أني شيئا فشيئا فتحت عيني

كان حولي

ماء

وظل

وحديقة.