‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتابة إبداعية، شعر، اللغة العربية الفصحى، قصائد، ديوان منشور.. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات كتابة إبداعية، شعر، اللغة العربية الفصحى، قصائد، ديوان منشور.. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 5 أكتوبر 2018

سواران من ذهب- قصيدة

 قصيدة منشورة على موقع الكتابة الثقافي بتاريخ 5 أكتوبر 2018

موقع الكتابة الثقافي مُلتقي الكُتّاب العرب والمصريين.


صورة للشاعرة- ريهام عزيز الدين

سواران من ذهب

شاب تشي به سمرة الجنوب  يختلس النظر إلى هاتفه دوناً عن الطريق،

و حين يستبد به الشوق يدير الكاسيت بصوت قلبه المحترق “يهمك في إيه”.

العربة التي تحملنا جميعًا كصلبان خشبية سيتم إحراقها في المحطة التالية،

 تتأرجح بين يدي السائق وتعرجات الطريق،

ومسيح ضل الطريق إلى جذع النخلة علّه يجد ما فقد.

طفلةٌ فقدت دبها المفضل للتو وتبحث بين أرجل الجالسين عن ساقيّ والدها الطويلتين، تعود بخيبة

فتاة لها عينان بلون السبانخ تؤكد للصوت أنها في الطريق إليه، قد يتطلب ذلك ساعة او لربما عامين.

نمر علي صناديق زجاجية تقف بها نساء عاريات،

يخبرن المارة ان هناك تخفيضاً هائلاً علي ملابس الإحرام البيضاء،

بينما يتخشب بها أجساد رجال بلا رءوس بأعين تمّ اقتلاعها للتو.

تمتليء العربة، ثم ينسل الجميع كقطعة صوف يعاد نسجها و تنسيلها آلاف المرات

 دون أن تتحول إلى معطف يقي أحدهم برد قلبه!

في نهاية الطواف، أصل إلى بيت أمي

الطابق الأرضي تمّ تحويله إلى صندوق خشبي ذي قفل معدني صديء مكتوب عليه “يا رب”

أتعثر في ورقة بحجم اليد: تعلن البلدية اليوم عن حاجتها لتعبيد الطريق ليمر سادة جدد.

في كل مرة تأتي بلدية الحي ينسكب سائلاً أسود من فم وحش مهول يمضع مساراتنا المتعرجة ذات طفولة،

محاولات الهرب الأولى، ما تبقى من آثار أحذيتنا على طريق لن يتعرف أحدنا فيه على الآخر بعد اليوم.

تفوح من البيت رائحة كعك تمّ خبزه في صباح عمر طازج

تستقبلني أمي بنظرة معتادة من الغضب والمحبة

نقضي اليوم بأكمله نؤرخ تاريخ العجين

ألقي السلام متأخراً على ما علق مني ومن أخي على جدران البيت

في السادسة مساءا، تستقبل أمي القِبلة لتخبر الله بكل شيء

في السادسة وخمس دقائق، أتحول إلى سوارين من الذهب يستقران حول معصمها

يخبرها الصوت أن صلاتها قد استجيبت

بإمكانها منحي بالكلية لغيبٍ تجهله كلانا

كما يمكنها دوماً أن تستعير عمودي الفقري لتتكأ عليه.

الجمعة، 14 سبتمبر 2018

اتقوسّ- قصيدة

 قصيدة منشورة على موقع الكتابة الثقافي بتاريخ 14 سبتمبر 2018

موقع الكتابة الثقافي مُلتقي الكُتّاب العرب والمصريين.


صورة الشاعرة المصرية- ريهام عزيز الدين 2018

أتقوسّ

أتسابق مع الذاكرة

كيف كنت أبدو قبل ثلاثين يوماً من هنا

أتطلع لصور لفتاة تشبهني كثيراً

يلقبونها بجمرة اللهب

ألصق أنفي بالصورة أتشممني

أشم رائحة جلد يحترق

أتفحص راحة يدي

شراييني تبدو كمواسير بناية عتيقة

 ينشع منها العطن الأخضر

كنتُ اظن أني العصا التي سيتوكأ عليها العالم

و يهش على غنمه

الفعل الوحيد الذي أجيده الآن

 أن أتقوس

أرملة في السبعين غادرها كافة أبناؤها

يتقوس فخذاها

يبس رحمها

تجمد الحليب في ثديها

تقترب من الأرض بلا مقاومة

تخفي الشعر الأبيض النافر من أذنيها بارتداء تربون سميك

تتأكد كل يوم من عدد التجاعيد بين الساعد والإبط

أتسابق مع الذاكرة

تخذلني قدمين منتفختين بفعل انحناءة من كلي معطوبة

من كنت قبل ثلاثين يوماً من اليوم؟

بأي بعض مني كنت أمنح من أحب؟

هل منحت نفسي بالكلية لأحد؟

أي مهنة كنت أمتهن؟

هل كنت معلمة

 تروي قصصاً علي صغار

يتطلعون إليها بعين يملؤها اليقين،

 بينما هي فقط تجمل وجه الحياة!

هل كنت إمرأة هاربة من الجنوب

 تبحث عن أبيها والله في أزقة المدينة!

هل كنت أمًا فقدت جنينها قبل أن يتشكل؟

هل كنت نبية تبشر بقراءة الطالع للاأحد؟

هل كنت عاهرة أبيع الجسد

في أحد البارات الرخيصة لمن يمنحني وعدًا بعدم التخلي

 ثم يرحل؟

هل أفضل أن يقبلني الرجال علي شفتي أو عنقي أم سرتي!!

 أم أني انصعت لقبلة أمرأة خمسينية راودتني عن نفسي ولم أنهرها؟

هل أفقد الوعي حين أتجرع الخمر؟

أي نوع من الخمر يذهب برأسي؟

هل أفضل القهوة؟

أم أحقن ذراعي بالنيكوتين؟

هل بحثت عن الله؟

هل بحث الله عني؟

قبل ثلاثين يوماً من هنا

هل كنت بالفعل؟

أم يتهييء إليّ أني كنت؟

ضوء أبيض بمقدمة رأسي يغمرني

يمحو كل شيء

سوي فعل أوحد

أتقوس

كأرملة في السبعين

تخفي تجاعيدها جيدا بطبقات من كريم رديء الصنع.

السبت، 8 سبتمبر 2018

سيجارة- قصيدة

 قصيدة منشورة على موقع الكتابة الثقافي بتاريخ 8 سبتمبر 2018

موقع الكتابة الثقافي مُلتقي الكُتّاب العرب والمصريين.


صورة للشاعرة المصرية- ريهام عزيز الدين 2018

سيجارة


علمتني السيجارة الأولي الانكفاء علي خوفي

الآن أبدو أكثر استعداداً لمواجهة العالم

انتهيت للتو من تمارين القسوة

يمكنني أن أنظر للخوف في العين مباشرة

أشده من شعره الأسود الطويل

ألف خصلاته العالقة بحنجرتي

أتلذذ بتعذيبه ببطء

بينما أنظر إليه بعينين باردتين.

**

علمتني السيجارة الأولي العبور

فما بقيتُ معلقة بين عالمين

الجسر الذي أمضيت عمراً أقطعه

جيئة و ذهاباً

تساقط

حاملاً بعضاً من قدمي

التي ظننت يوماً أنهما راسختان

كجذر شجرة أحملها وشماً فوق ظهري.

**

علمتني السيجارة الأولى

أن أراقب البطء

كنقاط محلول ملحي تتساقط في أوردة ضيقة

لرجل سبعيني عجزت أن أقرضه رغبتي في الحياة

أراقب المحاولة الأولي في الفشل

الشفتان موضوعتان على المبسم

تقضمان تفاحة الغواية

امتلاء الفم بخيبة

تنتهي بسعال

 يشي بسرقة الحلوي لطفلة في الثامنة.

**

النَفَس المسافر بداخلي

يرتطم بمحاولات لثم الحياة

ابتلاعها علي عجل

وتقيؤها أيضا بنفس ذات الخديعة

دون أن أسمح لها أن تخترقني بالكلية

الخوف أن يحترق حلقي

الخداع الطفولي بإنقاذ العالم

أحبه قليلاً

وأحب  أكثر احتراق شفتي بالغواية.

**

الرغبة الأخيرة لمحاولة التأكد من إمكانية الحياة

بالاحتراق الكلي

ومراقبة

الرماد الذي يتكوم في المنفضة

ببطء

التأرجح بين دخان أرسم به دوائر

يمكنني الآن أن أطلق سراحها

وقبول الخسارة

فما يتبقي منها

رماد

سأفرغه لاحقاً في مكبٍ أكبر

حين تنتهي السيجارة الأولي

سأتأكد من محو آثارالغواية

لأبدو طفلة تفوح منها رائحة الديتول

سأعيد تكرار أناشيد البراءة في أذن أمي

كي تقر عينها

أراقبني وانا أخطو فوق متاريس صوتها بداخلي

تنتهي

السيجارة

وانتهي

وأعلم أني

أقبض علي الريح

وأني أحترق ببطء.

الأربعاء، 29 أغسطس 2018

طفلٌ عاق- قصيدة

 قصيدة منشورة على موقع الكتابة الثقافي بتاريخ 29 أغسطس 2018

موقع الكتابة الثقافي مُلتقي الكُتّاب العرب والمصريين.


صورة للشاعرة المصرية- ريهام عزيز الدين 2018

طفلٌ عاق

ماذا أفعل بطفلٍ في السبعين لم يُصنع علي عيني،

لم يتناول طعامه الذي وضعته علي المائدة.

حين كررتُ علي مسامعه السُمّ الذي تم تلقيني إياه:

“اشرب اللبن علشان أحبك”،

اتسعت عيناه،

تناول الكوب مني، 

التقم الثدىّ البلاستيكي أفرغه دفقةً واحدة،

انتظر حتي ارتسمت على وجهي علامةُ ارتياحٍ مؤقت،

بصق في وجهي كلّ ما ظننتُ أنّي نجحتُ في حشره في فمه.

ماذا أفعلُ بطفلٍ في السبعين؟

يصحو كلّ يومٍ لايتذكر البارحة ولا يتذكرني!

بالأمس سقط مني في طريقِنا إلي الحمام المُجاور لغُرفتي،

ساقاه الطويلتان عبثتا بي،

ظننتُ أنّه قادرٌ اليوم علي الخطوّ أولى خطواته لاكتشاف العالم.

أىّ عالمٍ ينتظر طفلًا في السبعين عاق،

 يبصقُ الحليب في وجه أمه المكلومة عليه.

لم يكن هناك عالمٌ ينتظرنا.

كانت الحياة تعيدُ دورتَها من حيث ظننتُ أنها تنتهي.

ماذا أفعلُ بطفلٍ في السبعين؟

كيف سأقيس نموه هذا الصباح؟

هل سأطلب منه أن يقف علي باب المطبخ،

ويرسل أمرًا عسكريًّ الجنودِه النائمة بعموده الفقريّ فيقف مُنتصبًا!

أىّ كرسىّ سيجعلني أبدو أطول منه!

ليس لدىّ حائطٌ يُمكنني تعليقنا عليه.

أزالت أمي كلّ ما يستدل علينا في البيت الجديد.

ماذا أفعلُ بطفلٍ في السبعين؟

سقط مني البارحة

شُجت رأسُه

لازلت انظر إليه متكومًا بداخل المنشفة

في البدء، كنتُ أظن أنني ألده

وأنّ تلك هي اللحظة التي أمنحه فيها ثدي كى يتكون رابطًا أبديّا بيننا.

ارتبك،

تتشوش الرؤيا

فلاممرضات يحملن إلىّ الخبر السعيد،

ولاطفل تمنحني عيناه سَكينة و أرض أتجذّر بها.

تأتي النجدة

يتم توجيه أصابع الاتهام نحوي

لا أصلح أن أكون أمًا

أنظر إلي أصبع يستطيل ويكشف أسوأ مخاوفي.

ارتبك

انتزعوه مني

أودعوه أحد مؤسساتِ الرعايّة.

في ليلة الغياب الأولى،

كان السرير يتسع لشخصين

نمتُ علي الجانب الأيمن كما أحب،

لأتمكن من النظر إليه على الجانب الآخر

لم يكن هناك سوى بقايا حليب،

يُذكرني بأنه تقيأ محبتي

وفراغًا يتسع

أحاول أن أُحجمه من ناحيةٍ بحائطٍ قديم

يحملُ علاماتِ نموّ طفلين

أحدهما في الثامنة

على بابِ مطبخٍ قديم.

من ناحية أخرى،

أقف عارية الثديين،

أتحسس إمكانية تدفق الحليب تارة أخرى،

لربما سيعيدونه إلىّ في الصباح

سأخبره أنه لا يوجد حليب

ويمكننا تناول شيء آخر

وليكن بعضًا من الحياة علي سبيل الرغبة.

سأخبره أني أتساقط تعبًا

أنهكتني الحِيل،

وأنّ عيناىّ  ابيضتا حزنًا

وأنّي لاأعلم كيف أكون أمًا لطفلٍ في السبعين،

وأنّي لست غاضبة،

وأني- برغم كل شىءٍ- أحبه.

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018

قبّل فتاة حزينة- قصيدة

قصيدة منشورة على موقع الكتابة الثقافي بتاريخ 14 أغسطس 2018

 موقع الكتابة الثقافي مُلتقي الكُتّاب العرب والمصريين.



صورة للشاعرة المصرية- ريهام عزيز الدين- 2018

قبّل فتاة حزينة

خلف الستائر الداكنة يظهر طرفان لقدمىّ فتاة لونت أصابع يديها المنمنمتين باللون الأخضر.

عليك أن تتعلم كيف تخطو نحوها دون أن تثير بها الرغبة في ممارسة لعُبة الاختفاء لأعوامٍ ممتدة.

يُمكنك أن تقف هناك بمحاذاة الستائر فقط،

تأكد أن كركرة المعدة خوفًا لن تشي بك.

ستتعرف عليك هي أولًا من الرائحة،

في حياةٍ صادقة تصادقت مع ذئب الغابة قبل أن يتهموه كيدًا بالتهامها.

لن تُغريها الرائحة إلا بممارسة مزيدًا من التكوّر، فالانكماش، ثم التلاشي.

ربما بإمكانك اختبار إرسال رُسل طمأنة عبر ذرات الهواء.

الغناء مفيدٌ بعض الوقت،

في البدء ستشاركك الهرولة لمُلاحقة الصوت في أزّقة العنق،

ستصنع من أحبالكما الصوتية أُرجوحة ستدُهشك،

غير أنها- بطبيعة ما تمّ إرضاعها- ستوفر صوتها لحشوه لاحقًا في زوايا الفم،

مُخرجة ضحكاتٍ مثيرة تختبىء بها كيلا يشي بها الحزن.

يُمكنك أن تبدأ في اختراع قصةٍ خياليّة تتحول الوسادة القطنية إلى سحابةٍ ذاتِ عينين خضراويين.

يمكنك أن تدعوها لاختيار اسم للوسادة، 

ستخرج حينها أحد رؤسها لتخبرك في عُجالةٍ أعرفها تمامًا.

يمكنك أيضًا أن تستعير قوس قزح لبعض الوقت،

سيمكنها حينئذ من توثيق تاريخ مشترك بينهما كاملًا في غمضة عين.

احرص أن تكون الحدوتة كما تقول الجدّة “حلوة مش ملتوتة”.

احرص أيضًا، أن تدع طرفَ خيطِ بكرةِ صوفٍ يتدحرج بينكما ببطء،

و أن إمساكها للخيط لن يُؤلمها بعد سنوات.

لن تعلم على وجه الدقة، متى ما يمكنك أن تضع قدمك أمام الأخرى لتزيح عنها ستائرها.

لاحظ حركتها المفرطة في مداراتٍ تطوف بلابوصلة،

ستشي بتململها بينما تستعذب لُعبة َالاختباء.

حين تتنهي من صلاةٍ ممتدة لتربط على قلبها من حزنها المقيم،

فقط حينئذ ستعُلن نفسها بالكليّة أمامك،

سيكون الضوء الغامر مؤلمًا لمن يفتح أجفانه كلّ يومٍ بحافة سِكين الفاكهة.

يُمكنك أن تجد ليدك موضعًا لتنبت أوراقًا خضراء،

انثرها فوق خصلات شعرها المبعثرة كياسمين هنديّ،

بصبرالمحبة المنسوج بينكما منذُ الرَحم،

قبّل فتاة حزينة.