الخميس، 10 أكتوبر 2024

الإصدار الرسمي لديوان "ترميم العَتَب"- 2024


 

في الثلاثين من يناير لهذا العام، ساقتني قدماىّ إلى "العتب خان" و "وكالة الجداوي" بإسنا، في لحظة أثيرية، أخبر أحدهم أن مهمة "ترميمُ العَتَب" على وشك الانتهاء.

يستخدم "أطباء الحضارة المتخصصين" عبارة "ترميم العتب" للإشارة لما يقومون به من مهامٍ وأعمال لإعادة العنصر المعماري إلى روحه وجماليته الأصيلة.
ظلّت العبارة تلاحقني، وتشير إلىّ بابتسامة أعرفها جيدًا.
وُلِد الديوان الذي يحمل الاسم ذاته ، في طريق العودة من "إسنا" إلى القاهرة،
تدفقت نصوص الديوان بخفة، كعادتها دون أدنى محاولة مني للعراك مع اللغة أو الشعور،
فقط حدث كلّ شىء كريشةٍ بيضاء تحملها الريح.
بينما أجهز مرافعة جيدة ومظلومية تليق بواقع نشر الشعر في العالم العربي، فإذا بكل ذلك يؤجل لأجلٍ بعيد.
أخذني "ترميم العتب" لبلغاريا، ولم أكن أحلم يومًا ما أن يصدر ديواني الثاني- كتابي الرابع- في تلك البلد البعيد.
وددتُ لو أني تفاخرتُ بأني أسير وتسير معي نصوصي وكتبي،
ولكن ما يحدث عكس ذلك.
فالنصوص تولد بتوقيتها أينما أرادت وكيفما تشاء،
وأنا أتبعها
وابتسم.
اقتبس من "ترميم العَتَب":
❄️
أتعلم كأمٍ تحمل رضيعها بين يديها للمرة الأولى، فيتهاوى عالمها السابق.
أتعلم أن هناك إمكانية للمحبة دون أن تقترن بشروطٍ مُعبأة في الجوف أخبروني:
يجب ابتلاعها مرة واحدة لئلا يموت صغير البط!
أتعلم كأبٍ أن أراقب نمو ثديىّ طفلتي دون أن أعنفها أنها لم تصبح الولد الأثير.
أتعلم كصديقةٍ ألا أمرّ فوق عتباتِ الآخرين ليستقيم ظهري ثم أرحل.
أتعلم كرفيقةٍ أنه يمكنني رؤية ندوب روحك بلا تلصص،
غير أني أثق في شمس بداخلك يمكنك وحدك أن تفتح لها النافذة
تزيح العتمة،
لبعض الوقت.
أتعلم أن أصبح كلّ ما لم أحصل عليه
❄️
.
والحمدلله رب العالمين.
ديوان "ترميم العتب"
💚
.
دار نشر الدراويش- بلغاريا- عام 2024
💜

الثلاثاء، 27 فبراير 2024

توحشتِك

 توحشتِك نصٌ نثري منشور على منصة أنطولوجي


-أنصفتني؟

-كنتُ عادلًا.

-ما العدل؟

-أن يستوي الميزان، أن أكون مُنصفًا.

-ما الإنصاف؟

-الاستقامة.

-ما الاستقامة؟

-الوفاء بالعهد.

-ما العهد؟

-المعرفة.

أن نلتقي كما عهدتيني.

-ما اللقاء؟

-أن أرى عينيكِ.

-ما الفراق؟

-أن يُوَدع كفكِ راحةَ يدي.

-ما الفراق؟

-أن ينقطع العهد بيننا.

-ما الفراق؟

-أن أمت واقفًا.

-ما الانفصال؟

-أن ينفك المسمار من خشبته.

-ما التفكك؟

-أن يتبعثر الكل إلى أجزاء،

يتناثر الصلب فيصير أهون من نفخ الريح،

تسقط الورقة من الشجرة الورافة.

-ما التساقط؟

-أن تَهلَك، مُستنزفًا حيلتك.

-ما الحيلة؟

-مراوغة العجز.

-ما العجز؟

-الخوف.

-ما الخوف؟

-الاستباحة.

-ما الاستباحة؟

-الهوان.

-ما الهوان؟

-ألا نصير معًا.

-أنصفتني؟

-توحشتك.

-ما الوحشة؟

-ألايحدث كل هذا.

-انتهينا؟

-لاأعلم.

-انتهينا؟

-توحشتك.



الثلاثاء، 20 فبراير 2024

الذئب- نصٌ نثري

 "الذئب" نصٌ نثري

مجلة أوكسجين الثقافية

العدد 238




سأتسلق الشُعيرات النافرة من أذنك اليمنى

وأهمس لك

احك لي حكاية لأغفو بين ذراعيك

سنعمل سوياً ببطء على إزاحة غيمة رمادية تصنعها سيجارتك العشرين.

في البدء ستتلو على مسامعي ما هو مهيب

أتكور في حواف روحك المدببة بلا خوف

غير أن الخمر المنسكب من عيني إلى شفتك العليا يشي بغواية تقترب، بينما تبحث في حافظة ذاكرتك الجلدية، المصنوعة من جلد تمساح اصطادناه معاً قبل عشرين قرناً هناك!

أرقب حيرتك: “أيّ حكايةٍ تليق بتلك الراقدة بين ذراعيّ ها هنا!”

تلتمع عيناك كمن التقط ظهره للتو من قارعة الطريق وبات مؤهلاً لاعتلاء الفرس

تخبرني أن الذئب التهم ليلى

تقول الرواية إنه ابتلعها دفعةً واحدةً من دون قطرةِ دمٍ واحدة

تتعجل لتُنهي الحكاية – كعادتك- فور أن تبدأ.

أضع شفتي المبللتين على شفتيك لنصمت سوياً ونستمع إلى ما لم يخبرنا به أحد.

لم تكن ليلى ذاهبة لزيارة الجدة في الغابة المعتمة،

كانت تبحث عنه،

رأته قبل أن يراها

وأمسى صوتها نجمةً تُنير له الطريق إليها.

لم تكن ذاهبة لزيارة الجدة في الغابة المعتمة

كانت تبحث عنه

ترتجف

ألثمك ببطء إلى ما لانهاية

لم تتألم حين وضعها بين فكيه

رأت حوافَ روحِه المُدببة

أقسم أني رأيتها تتأرجح بين حباله الصوتية

وتعيد سرد الحكاية كما يليق:

كانت تبحث عنه

رأتُه قبل أن يراها

قطرةُ ماءٍ تتشكل فوق جذع شجرة تمّ اجتثاثها للتو من أرض لم ينتمِ لها،

أُعيدك إليّ.

كانت تبحث عنه

رأته قبل أن يراها

الذئب ارتجف

حين يرتجفُ الذئبُ يبتلع فلا تشي به رائحة الخوف.

ابتلعها

كي تسكنَ فيه للأبد.

تغفو بين ذراعيّ كطفلي الوحيد، وقد أنجبتُك للتوّ.

ألثمك حلمتي

أخيط كلّ ندباتِ روحك بقبلات طازجة

تغفو لعامٍ أو عامين بل تسع.

تُفرغُ عُلبةَ سجائرك

تخرجُ من خلفِ غيمتك

تتلفتُ حولك

تبحث عني

وعن ذئبٍ ترقدُ في معدته

فتاةٌ رأته

قَبل أن يراها

وارتجف.

*****

اللوحة من أعمال الفنان السوري بشر قوشجي

الخميس، 8 فبراير 2024

يأتي الحب- نص نثري ومادة مسموعة

 نص "يأتي الحب" نصٌ نثري 

النص مكتوب

ومادة مسموعة

 منشور على منصة أنطولوجي


يأتي الحب، 

تتحقق النبوءة، تشعر بدغدغة نسمة رقيقة في ليلة صيفية شديدة الحرارة، 

نسمة تجد طريقها بين ثنايا الفستان القطني الملتصق على جسدها بفعل الرطوبة العالية وبين جلدها الذي يتنفسُ للمرة الأولى منذ أزمنة.

يأتي الحب، 

تشعرُ أن ثمة وجودٌ يتشكلّ، وجودٌ قد يكون له نفس الوجه، غير أنها كلما مرّت على مرآة أطالت النظر لوجهها، ثمة ابتسامة ترتسم، وثمة غلالة رقيقة تكسوها وكأنها تأريخ للحدث. 

يأتي الحب، 

يتفتتُ العالم الذي خَبِرَته من قبل، فضاءٌ مُمتلىء بصورٍ ليست لها، وأعينٌ مُجوفة تنظر إليها بلامعنى وأفواهٌ تسردُ كُلَّ ما يُمكن تعبئته في الهواء من صخبٍ وتشويش. يتفتتُ العالم بأسره مثل ذرات رمال زارتها موجةُ مياهٍ بلون زُرقة السماء، فلثمتها لثمًا فأتبع الوجود الفناء دون أدنى مقاومة.

يأتي الحب، 

ويأتي معه ذلك الشعور بأنّ العالم أصبح أكثر اتساعًا، وأنّ ثمّة لون يُمكنُه أن يُعيد تأريخ الخليقة، 

وأنّ الآن، والآن فقط يبدأ كل شىء، يولد كل شىء، 

هلمّ أيها الفرح، أقبل نحونا.

يأتي الحب، 

وتنهار الأيدولوجيات التي تتمترس حول أفكارٍ خائفة بين يدىّ ساعاتي يحرص ألايُفلت الترس الصغير منه وإلا ضاع منه الإيقاع للأبد.

يأتي الحب،

 تُولدُ تلك الرغبة المستمرة في الهرب، الهرب من الأماكن التي لايكون الحُب مدعوًا بها، الهرب من الحديث الذي لايتحدث عنه، الهرب من الأوجه التي تتفرسها بمليّة بحثًا عن انعكاسه في مُقلة عينيها، الهرب حين تراه، والهرب حين تجده، والهرب حين تمتلأ المسافةُ بينهما بكل شىءٍ عدا الحب.

يأتي الحب، 

تأتي معه الدموع المالحة، حين تراه يعبُر بين الجموع على بواباتِ الوصُول للسفر، ذلك الوجه ذاته إقبالًا وإدبارًا، تنسال الدمُوع المالحة متأرجحة بين الفرح لطلّته، وبين الأسى من كل تلك الوحشة التي سيخلِفُها المقعد الفارغ حول المائدة.

يأتي الحب، 

تترنح اللغة، تعجز أن تملأ الشقوق التي وجدت طريقها في الجدار بينهما، لايُمكن حشر الكلمة التي قيلت من قبل في الشق ذاته، لاتبدو أن هناك ثمة كلمة كافية لترمم ما حدث، سيظل الشق في الجدار يشي بتلك اللحظة التي لن تنمحي من ذاكرتهما، لحظة أن سدد أحدهما مِعوله نحو الآخر، لحظة أن رأى أحدهما أن آَخَرَه قادرٌ على أن يُلحق به أقسى هزائمه، وأن يمنحه الألم صافيًا كسهمٍ انطلق وبات متأخرًا إرجاعه إلى جُعبته.

يأتي الحب، 

يُولد الصمت ممتدًا كأذرع عنكبوتٍ وجد طريقه للبيت، ينسجُ خيطًا وراء الآخر، يسكنُ في أخر كُلّ خيطٍ خوفٍ قديم أن ينظر أحدهما في عين الآخر فلايعرفه، أو تبتلع أحدهما ذاكرة التيه، يبحثُ عن صُورة الحب القديم فلايستبين الطريق.

يأتي الحب،

تأتي معه الرغبة في فقدان النطق والتمنطق، تشي به الأعين الُمتلهفة على أن تحط على كتفيه بين الجموع، تفوح منه رائحة الاحتراق عند الغياب، تئن منه أقدامٍ لازالت تسير في كُلّ تلك الدروب التي قطعاها معًا، تُرتب الأبجدية وفق حروف اسميهما فتارةً تضيق  وتارةً تتسع، تارةً تحجب وتارةً أخرى تكشف، تفقد الكلمات خدرها اللئيم القديم، كأنها مُضغت من قبل وأن الفم لايستسيغ الكَلِم الذي سقط من الشجرة، بل وينفر الجسد أن ينثني ليلتقطه.

يأتي الحب، 

ويأتي معه الإيمان، ثمة أمل سيزورهما كُلّ صباح، أملٌ يكفي أن تمضي الحياة يومًا آخر، فقط يومًا آخر بكل تلك الخفة واليُسر والسَكِينَة.

يأتي الحب،

تأتي معه الإمكانية، إمكانية الإيمان، إمكانية الإرادة، إمكانية الحدوث، إمكانية التحقق، إمكانية أن تُصبح الحياة مُمكنة لمرة واحدة وطويلة وممتدة.

يأتي الحب، 

تبدو الضوضاء التي لازمتهما لسنواتٍ، بعيدة، تقف بعيدًا وتودعهما بأعينِ أُم تمنح وليدها للغياب بلاخوف.

يأتي الحب،

يمحو كل الجيوب التي أثقلتها القسوة من حياةٍ سابقة.

يأتي الحب، 

تأتي معه الرغبة في تعلّم المغفرة كل يومٍ من جديد، مرّة تلو الأخرى، مغفرة لاتُشبه تلك المرصوصة رصًا في الكتب المقدسة مغفرة لاتأتي من السماء، بل تولد من طين الحياة، تعلن عن نفسها حين تتولد تلك الرغبة في صفع ذات الوجه مرة واحدة وتقبيله مرات كثيرة. مغفرة، يتسارعُ الإثنان للبحث عنها لئلا ينفلتُ الخيطُ من أيديهما. يجدها ربما الأقدر على التشبّه بالإله لبعض الوقت، أو من ينتصر الحب بداخله دونما تردد.

يأتي الحب،

تأتي معه الرغبة في العراك، والمصالحة بعد العراك حين ينظر أحدهما للآخر مؤنبًا كيف تفوه بتلك الكلمة، وكيف جرؤ على أن يُغمض عينيه دون أن يطمئن أنها بجانبه وأىُّ هوانٍ ذاقه حين أفلتَ أحدهما يده.

يأتي الحب،

تتوقف عقارب الساعة عن الدوران في مسارها المعتاد، ينفك المسمار الصغير الذي ظنّا أنه يُحكم ضَبطَ كُلَ شىء، ينطلقُ العقربين كعصفورينِ فُتح  لهما باب القفص الزجاجي للتوّ، ولن يصدهما شى ءعن التحليق عاليًا، فوق كل ما كان وما سيكون، وما هوكائن.

يأتي الحب، 

تأتي معه الرغبة في الاقتراب والاحتراق والفناء وإعادة الخلق كلّ يومٍ من جديد.

ياتي الحب،

تنسلُّ طمأنينةُ أنَّ الظهر لم يعد عاريًا للعالم يصوب سهامه نحو أحدهما بلاهوادة، ثمة أيدٍ ستصد عن أحدهما الخديعة والمهانة والقسوة، بل وستضمد جراحه إن لزم الأمر بقبلاتٍ شافيّة.

يأتي الحب،

ينحني أمامه كُلّ ما كُتب في الكتب، وسيق عبر شاشات السينما، ورآه اثنان يجلسان في الصالة المعتمة كقصةٍ تحدث لآخرين، يرونه قريبًا، قريبًا جدًا، قريبًا لدرجة ما أن يلتفت أحدهما للآخر، يصمت كُلّ شىء، وحدها القُبلة ترشدهما نحو الطريق لخارطة الآخر في البيت الجديد. 

يأتي الحب، تنتظر طرقاته على الباب في تمام الساعة الرابعة من مساء كل يوم مُحملًا بالأسى من قسوة العالم، تضع عنه ثِقل قلبه، تُضمد جراحٍ أنفق ماء  قلبه كيلاتُرى، تملؤه يقينًا أنهما معًا، وأن ما ينبُتُ بينهما غابة باللون الذهبي، سيهربُ إليها يومًا ما كل مُتعبي الأرض ومثقلي الأحمال. 

يأتي الحب،

تأتي الرغبة في أن تغرس أصابعها في عجينٍ يختمر من زاوية دافئة بالبيت، وأصابع تحطُ بخفة نورسٍ على وجه بيانو باللون الأخضر، وتلك التي تمرر بشبقٍ فوق صندوقٍ من خشبٍ عتيق فيستحيل نهرًا لا يضل الطريق.

يأتى الحب، 

كلاهما مُتعبٌ من الحياة، استقبلاه كمن يطفو على وجه الماء فاردًا ذراعيه، لايخشى أن تحمله صفحة الماء وتهمس له الريح أنه يُمكنه الآن، والآن فقط أن يُفلت قبضة يده لبعض الوقت، ويستريح.

يأتي الحب،

تنبت  حديقة كلما مرً أحدهم بها سمع صوتً يخبر “خلّيني ببالك- دايمًا- ببالك”.

يأتي الحب،

بسيطًا متدفقًا،، وحصريًا مثل “صباح” حين تغنجت

“وأتمنى أأقابله ولوصدفة، ويشوف تسريحتي وفستاني”

أن أريد أن يراني هو، 

في اللحظة التي أريده أن يراني فيها

وأن يكون هو وحده من يراني، 

ولا أحد آخر.

يأتي الحب فتيًا لم يهزمه الزمن، 

يأتي الحب منتصرًا كفارسٍ يضع عنه درعه الحديدي، 

يأتي الحب كشعاع شمس يجلو ظلمة الليل، 

يأتي الحب،

أنهما معًا، 

وأن الأبد الآن، وكفى.



الثلاثاء، 20 يونيو 2023

مسرحية "طقوس العبور"- منحة آفاق للكتابة الإبداعية

 "الإصدار الرسمي لكتاب "طقوس العبور 


عام 2021، حصل نصّي المسرحي "طقوس العبور" على منحة رعاية ودعم من مؤسسة آفاق للكتابة النقديّة والإبداعية.

كتبتُ هيكل النصّ الأوّلي، ظننتُ أني أبحر في عالم شخصيات درامية ستتشكل بإيقاعها عبر الصفحات، علمتُ أني أستطيع فعل ذلك، بل واستمتع به.
لم أكن أعرف أني سأكتب، أحذف، أمزق الأوراق،
أسير كيلومترات يوميًا لأن عِراكًا حدث بين الشخصيتين الرئيسيتين في الفصل الثالث وتسرب ثقل ألمهما إلىّ، فبكيت.
كنتُ أظن أني سأكتب عن عالمٍ يحدث "هناك"، في مكانِ ما على خريطةٍ تُدعى "الخارج"،
فإذا ببعضٍ من عالمي الداخلي يتماس، يتفتت، يُولد،ثم يتشكل بلونٍ رائق لم يزر مُخيلتي من قبل.
يذهب نصّي المسرحي" طقوس العبور" إلى المطبعة بعد ساعاتٍ قليلة،
الشخصيات التي سكنت عظامي لأكثر من عامين ستُغادرني مُودعة .
وهبني العمل على النص بكل شخوصه،
هدايا التحقق، التشكل، التجسد، الحضور الكامل.
وها هو يُهديني هدايا الغياب، وإني والله لراضيّة.
ستصبح الشخوص التي تنفسنا سويًا لأعوامٍ
نسخًا ورقية،
اقتباساتٍ في عالمٍ بوسع الكون، ربما
نسخًا إلكترونية، ربما
كل ما أرجوه الأن،
وأعلمه يقينًا أن يبقى النص يحمل هداياه المطوية ل"ناسه" أينما حلّ، وأينما استقر به المُقام.
بهذا الإعلام والإعلان عن الإصدار الرسمي لكتابي الثالث، ونصّي المسرحي الأوّل
سأتراجع خُطوة للوراء،
ليبقى النص،
شخوصه،
طيف الحياة بين صفحاته،
وتدفق الفعل اللامرئي بين الكتابة والقراءة، يحدث كما يُراد له.
راهنت مؤسسة ثقافية بحجم آفاق على مشروعي المسرحي الوليد، لم أكن أملك سوى الحُلم واليقين بأن لدىّ شىء أود أن "أزعج" به العالم الآن،
إزعاجًا يُشبه ماء قلبي، يمتزج باللطف، الشراسة، الحنو، الغضب، الحيرة، والكثير جدا من الحب لما أؤمن به.
أجدد امتناني لفريق عملهم ووجودهم الداعم في كل مسارات الارتباك والتيه.
شكرًا
💚
الآن
لحظة احتفالٍ بمثل تلك الرهانات، التي لايخسر فيها أحد،
وتدفعنا دومًا نحو مزيدٍ من الإيمان بكل تلك الأحلام الخجلى التي تسكننا ونسكنها،
مزيدٍ من وجودٍ يُشبه جوهرنا،
مزيدٍ من ألقٍ يُطمئننا أننا نسير في مساراتنا التي تشبه أرواحنا فلا نضل ولا نشقى.
مزيد من "الإزعاج" المُبدع لترك شيئًا جميلًا يبقى في المُخيّلة،
هكذا أحاول،
أؤمن،
أعبر
الحمدلله رب العالمين للأبد

السبت، 20 مايو 2023

Indian Jasmine

 "Indian Jasmine" is a poem published at Peace Chronicle, Spring 2023.


We return to the same place where we lost something.

We think we lost a person.

We keep going to the same place with the hope to find them once more.

To have a look on their eyes

To touch their skin

To smell their sweat.

We keep going to the same places with the hope to find the love we once lost

The place is the same

There is an Indian jasmine flower lying on the floor

I used to wear the crown of these little flowers on my head

The white circle of little flowers protecting my long brown hair

We go back to the places we once left

We search for the face

For the love that we once had

We go back to the places we once left even when they turn to be just a graveyard

It is time for the little white jasmine to die in peace.

The places we once left, 

the faces we once had, 

the love we once tasted

Fades away

The trace of our feet to the graveyard won’t turn to make dead alive

The tears we shed over the tombs won’t be heard from the other side

the nights we spend awakened waiting for the sun to rise so we will find our way home

the places we once had are not there anymore.

I stand in front of your grave

I can still see you

But couldn't find the face

I could still feel you

But couldn’t reach for your hand

I could still smell your skin

But don’t know what to do with all these little jasmine flowers that are hidden in my heart.



The Gift at my Door- Poetry

"The Gift at My Door" is a poem published at Peace Chronicle, Spring 2023.




There is a pregnant cat that keeps sitting on the doormat of my home.

She just sits there and waits.

What kind of faith this cat has?

She waits at the doormat,

she sits still.

Not knowing at what time, I will open the door and put some food.

She waits.

Not knowing if I am here or not.

She waits.

Not knowing if this is the right place.

She waits.

Not knowing of I am the one who might open the door and put some food or

Other neighbor who might scare her and

She has to run away with her heavy weight.

She waits.

Not knowing that last night I opened the door and couldn't find her.

I needed her to be there.

It was painful to feel the missing of her.

I worried that she might not ever come back.

The voice inside me whispers;

She will be back

She will find her way

She Knows.

This morning, the cat is sitting at the doormat of my home.

She sits still.

She waits.

She comes

She knows.

This kind of unshaken faith, I pray for.


The Gift at my Door & Indian Jasmine- Two Poems


 






"The Gift at my Door" and "Indian Jasmine" are published at Peace Chronicle, Spring 2023.


These two poems are created and written in English, not translated from my Arabic poems. 

I find expressing my feelings in another language is like crossing over to new frontier and grateful for putting my work out there in the world for new readers from different backgrounds. 

I believe that poetry when it is genuine has the invisible thread that glues all our pieces, reminding us of what human connectedness is.

Re- Enchantment is the the main theme of the issue.

The digital magazine can be reached from here.

The magazine is one of the publications of Peace and Justice Studies Association



الثلاثاء، 7 فبراير 2023

سيجارة- نصوصٌ خارج اللُغة

 نص "سيجارة" منشور

"بمجلة "نصوص من خارج اللغة"، وهى مجلة فصليّة مُحكمة


سيجارة

 

علَّمتني السيجارةُ الأولى الإنكفاءَ على خوفي

الآن أبدو أكثرَ استعدادًا لمُواجهة العالم.

 

انتهيتُ للتوِّ من تمارين القسوة

يُمكنُني أن أنظرَ للخوفِ في العين مباشرةً

أشُدُّه من شعرِه الأسود الطويل

ألفُّ خُصلاتِه العالقةَ بحُنجرتي

أتلذذُ بتعذيبِه ببُطء

بينما أنظرُ إليه بعينين باردتين.

 

علَّمتني السيجارةُ الأولى العبور

فما بَقيتُ مُعلَّقةً بين عالمين.

 

الجسرُ الذي أمضيتُ عُمرًا أقطعه جِيئةً وذهابًا

تساقط حاملًا بعضًا من قدميّ اللتين ظننتُ يومًا أنهما راسختان

كجذرِ شجرةٍ أحملُها وشمًا فوق ظهري.

 

علَّمتني السيجارةُ الأولى أن أراقبَ البُطء

كنقاط ِمحلولٍ مِلحيٍّ تتساقطُ في أوردةٍ ضيقةٍ

لرجلٍ سبعيني عجزتُ أن أُقرِضَه رغبتي في الحياة.

 

أُراقبُ المحاولة الأولى في الفشل:

الشفتان موضوعتان على المِبسم

تقضِمان تُفاحةَ الغواية

امتلاءُ الفَمِ بخَيبةٍ

تنتهي بُسعالٍ يشي بسرقةِ الحلوى لطفلةٍ في الثامنة.

 

النَّفَسُ المُسافرُ بداخلي

يرتطمُ بمحاولاتِ لثمِ الحياة

ابتلاعِها علي عجلٍ

وتقيؤها أيضًا بنفسِ ذاتِ الخديعة

دون أن أسمحَ لها أن تخترقَني بالُكليَّة

الخوفُ أن يحترقَ حلقي

الخداعُ الطفولي بإنقاذِ العالم

أُحبّه قليلًا،

وأُحبُّ أكثرَ احتراقِ شفتىيَّ بالغُواية.

 

الرغبةُ الأخيرةُ لمحاولةِ التأكّدِ من إمكانية الحياة

بالاحتراقِ الكُلي

ومراقبةِ

الرمادِ الذي يتكوَّمُ في المنفضةِ

ببُطء

التأرجحُ بين دخانٍ أرسمُ به دوائر

يُمكنني الآن أن أُطلقَ سراحَها

وقبولِ الخسارة

ما يتبقي منها

رمادٌ

سأُفرغه لاحقًا في مكبٍ أكبر.

 

حينَ تنتهي السِيجارةُ الأولى

سأتأكدُ من مَحوِ آثارِ الغوايةِ

لأبدو طفلةً تفوحُ منها رائحةُ الديتول

سأُعيد تكرارَ أناشيدِ البراءةِ في أُذنِ أمي

كى تقرَّ عينُها.

 

أُراقِبُني وأنا أخطُو فوقَ متاريسِ صوتِها بداخلي.

 

تنتهي

الِسيجارةُ

وأنتهي

وأعلمُ أنِّي

أقبِضُ علي الرّيح

وأنِّي أحترِقُ ببُطء.